سكورا: انتصار للمرأة المطلقة ضد النظرة الذكورية

يتناول العمل المسرحي “سكورا” للمخرج علي جبارة والمشارك في المنافسة الرسمية للمهرجان الوطني للمسرح المحترف في دورته 14، للمرأة الجزائرية، موضوع المرأة المطلقة التي تعاني من النظرة الذكورية القاصرة، وتحميلها مسؤولية شروخ عائلية.

ومسرحية “سكورا” إنتاج مسرح سوق أهراس الجهوي، التي اقتبسها ملياني مولاي محمد مراد عن رواية “الملكة” لأمين الزاوي، وأخرجها علي جبارة، وصمم الموسيقى محمد زامي وشارك في أداء أدوارها كل من لبنى نوي، ميشو، عشي علي، شيماء وراد، جفافلية رياض حلايمية إبراهم، سمير زعفور وزهير عتروس، بقيت وفية للنص الروائي وظهر ذلك جليا عبر أطوار المسرحية، وأعطى المخرج علي جبارة ومقتبس الرواية ملواي ملياني قيمة كبيرة للنص الروائي.

أعطى العرض رسائل قوية عن القرائية وكرّم المرأة المطلقة، ويدين في الوقت نفسه المجتمع الذكوري الذي لا يرحم حتى المرأة ضحية الإرهاب في صورة الخادمة “حفيظة”، التي رفضتها عائلتها بعد هروبها من الإرهابيين المتواجدين في الجبل، في حين وجه نقدا لاذعا للرجل الجزائري ووصفه بالكسول فيما ينتصر للرجل الغريب المتمثل في الصيني الملتزم بأوقات عمله ويحترم “سكورا” ويعيش معها قصة حب.

طابوهات عديدة تثيرها المسرحية وهي قصص يومية يعيشها الجزائريين، أفكار روائية تنطلق من فلسفة العمل وثقافة الجزائري معه، وشخصية الصيني الذي يحترم العمل والقراءة والحب، ناهيك عن مسألة الحرية الفردية والجماعية ودفاع المسرحية عنها، بالإضافة إلى مسألة المرأة والتي انتصر لها العرض ضد ذهنية التحريم والكراهية.

اتسم العرض المسرحي بالتراجيدية مع تكثيف سردي يعكس الحضور القوي للرواية، ومع هذا فالفعل المسرحي كان حاضرا وفق انتقال زمكاني مفتوح نحو الماضي والحاضر، ومرافقة موسيقية لافتة لمحمد زامي لإعطاء ريتم آخر للأحداث والنقلات التي ترافق التحولات وأداء الممثلين، ضف إليها الوصلات الكوميدية للتخفيف من العرض التراجيدي.

“سكورا” عمل مسرحي مستفز، ويطرح التساؤلات مثل النص الأصلي “الملكة” لأمين الزاوي، بداية بالصيني الذي يقوم بالأشياء التي يعجز عنها الجزائري، الذي يصوره إرهابيا أو غير مسؤول أو استغلالي أو شاذ وعاجز عن القيام بأدواره في الحياة. عرف العرض تفاعلا من الجمهور في لحظات ذروته خاصة في المصارحات بالواقع.

نقاش مسرحية “سكورا”: وفاء الرواية خذل العرض

في النقاش الذي أعقب عرض مسرحية “سكورا” للمخرج علي جبارة والمقتبسة عن رواية “الملكة” للكاتب أمين الزاوي والمشاركة في المنافسة بالمهرجان الوطني للمسرح المحترف في دورته 14، ثمّن الدكتور محمد بوكراس فكرة الاقتباس من النص الجزائري، بحكم وجود أعمال روائية تستحق الالتفات إليها.

وقال محمد بوكراس عن التحدي في الاقتباس للعمل المسرحي هو تحويل السرد إلى دراما ومشاهد فرجوية وحركة وفعل، وهو ما كان موجودا في “سكورا”، مضيفا أن ما لمسه في العمل هو وجود النفس المسرحي، وهذا هو المطلوب في مسرحة الرواية التي تحتاج إلى الإقناع على الركح.

وتحدّث بوكراس عن المقاربة الإخراجية لعلي جبارة من خلال تكريم الرواية وفعل القراءة، وهو ما تضمنه العرض عبر مشاهد قوية لشخوص المسرحية يمسكون الكتاب ويقرأون مقاطع من الرواية، معتبرا في الوقت ذاته أن اللحظات القوية في المسرحية كانت في القراءة والمرافقة الموسيقية لمحمد زامي.

ونوّه بوكراس بحضور المرأة كتمية في العمل وفي المهرجان على وجه الخصوص، كما سجل انزعاجه من السينوغرافيا التي اعتبرها كلاسيكية جامدة ولم تخدم العرض، في ظل موضوع جريء في الطرح ويشهد تحولات عديدة.

واعتبر المتحدث، أن التخريجات الكوميدية التي اعتمدها علي جبارة كانت ذكية، قائلا إن فتح أقواس كوميدية في ظل عرض يتسم بالتراجيديا ومبني على التكثيف السردي، من شأنه خلق فعل داخل العرض.

ويرى المخرج علي جبارة أنه أعطى للرواية قيمة كبيرة لان المقروئية ضعيفة في الجزائر، معتبرا أن الدكتور أمين الزاوي معروف بكتاباته التي تتجاوز المسكوت عنه بكل جرأة وحرية، ومن خلال هذا العرض حاول تشريح وضعية المرأة في الجزائر خاصة المطلقة التي تعبر ضحية أعين المجتمع ونفس الأمر مع امرأة أخرى تخلت عنها عائلتها بعد اختطافها واغتصابها من طرف الإرهابيين، مضيفا أنها قصص نعيشها يوميا ولكن لا يلام فيها الرجل.

وبخصوص موضوع السينوغرافيا، برر المخرج علي جبارة الأمر بكونه اشتغل في ظروف إنتاجية صعبة جداـ لغياب الإمكانيات المادية، ما جعله عاجزا عن توظيف سينوغراف يقدم رؤيته للديكور.

من جهته، تحدث مولاي ملياني محمد مراد، عن الاقتباس، قائلا إنه اقتنع بالرواية بعد قراءتها واقتبسها في مدة تزيد عن العامين، وكان في اتصال مستمر مع الدكتور أمين وقام بتحويل رواية تزيد عن 500 إلى نص من 40 صفحة.

واعتبر الروائي أمين الزاوي أن هذا العرض وصل إلى فكرة كيف نمسرحأفكارا روائية موجودة في رواية “الملكة”، بدايةبفلسفة العمل وثقافتنا معه وشخصية الصيني الذي يحترم العمل، وثانيا مسألة الحرية الفردية والجماعية، وثالثا مسألة المرأة وذهنية التحريم الجزائري والمرأة المطلقة، مضيفا أن عملية اقتباس الرواية وتجسيدها ركحيا، اتسمت بالخروج من الكلاسيكية في المسرح الجزائري إلى أجواء أخرى.

فيصل شيباني

شارك المقال