مسرحية “الزاوش” سقوط امرأة في خديعة فنان

ينطلق العمل المسرحي “الزاوش”، إنتاج المسرح الوطني الجزائري للمخرج كمال يعيش، وأداء إبراهيم شرقي ورانيا سيروتي، المشارك في المنافسة الرسمية للدورة الـ 14 من المهرجان الوطني للمسرح المحترف، من تيمة مهمة تتعلق بالكذب، ويثير بعض الأسئلة المتعلقة بنفاق الرجل اتجاه المرأة وطمسها ولو عن بعد.

امرأة خلف الستار ورجل يتلاعب بها عبر الهاتف بحجة نيته في شراء آلة البيانو، أرادت أن تبيعه، يغير الرجل أدواره في كل مرة ويلبس شخصيات عديدة، وهو الشيء الذي أجاده الممثل إبراهيم شرقي، فبين دور الفنان والعجوز والصبي ينتقل الممثل بسلاسة بين هذه الشخصيات رغم صعوبتها، ويحاول بكل الطرق أن تنطلي هذه الحيل على المرأة، فهدفه الأناني هو السخرية والتلاعب بها في المقام الأول وليس شراء البيانو.

يحاول الفنان الذي يعيش الوحدة والتعاسة، تجاوز تلك اللحظات من العزلة اليومية وينزع عنه ثوب المثقف ويتحول إلى شخص ماكر عديم الضمير والإحساس بالآخر، ويبرع في تقمص شخوص عديدة بهدف التسلية، فبالنسبة إليه الأمر مسلي ويحقق متعته الخاصة ويتفنن في تعذيب العجوز.

خطط ومكائد يرسمها الفنان بخديعة وبراعة، ويستغل حسن نية العجوز التي تبحث عن مشتري للبيانو. يمارس الفنان ما يشبه الهجوم عبر التليفون ويتلون بكل الشخوص والوجوه، بنية السوء وإلحاق الضرر النفسي بهذه العجوز التي تعيش وحيدة بعد فقدان زوجها وابنها، ولكن رغم بوحها، لا شيء يردع الفنان ولم تتحرك فيه الأحاسيس، وكأن قلبه لا يعرف العاطفة.

من حيث لا يعلم، يحرك الفنان تلك العجوز ويجعلها تقترب من البيانو لتعزف من جديد، لحظة تحول في المسرحية وفي حياة العجوز، وكأن ذلك الحاجز قد زال، فيرفع المخرج الستار، ويعري روح الشر في شخصية الفنان وأنانيته ونفسه الأمارة بالسوء، ويفضح استغلاليته لامرأة ضعيفة، ولكنه في الوقت ذاته يستولي على اهتمام الجمهور من خلال حضوره الطاغي وأدائه اللافت وحركته على الخشبة رغم الفضاء المحدد، فرغم سيطرته على العجوز وظلمه، إلا أنه يستحوذ على المتلقي، عبر أداء قوي ومقنع وخادع عبر تقمص الشخصيات.

تحرك ضمير الفنان الذي يفصح عما يعيشه من ضغوط ووحدة وتعاسة ويستجدي عاطفة الجمهور لحد التماهي حتى يعيش الدور معه، ولكن في الأخير يسخر منهم جميعا بجملة “كيف تتعاطفون معي وتثقون بي وأنا من فعل بها كل هذا”.

فيصل شيباني

شارك المقال