“آخر حلقة”: الفرجة مضمونة بإيقاع استثنائي

أجواء فرجوية ممتعة صنعتها، يوم الأربعاء 28 ديسمبر 2022، فرقة “الحلقة” من سيدي بلعباس بساحة “محمد توري” المحاذية للمسرح الوطني الجزائري “محي الدين بشطارزي” ضمن عروض الشارع المرافقة للدورة الخامسة عشرة للمهرجان الوطني للمسرح المحترف، حيث غصت الساحة بجمهور كبير جذبه صوت “القوال” عباس لكارن وإيقاعات البندير وأهازيج أعضاء فرقة “الحلقة” في “آخر حلقة”.

العرض جمع كلّ عناصر الفرجة التي يصنعها القوال في جوّ من المتعة والطرافة وأخرى هادفة، وعكس ثراء التراث الشعبي الجزائري بكلّ مقوماته من رقص وغناء وأقوال شعبية وقصائد شعرية، واستمر لأكثر من ساعة من الزمن وسط التفاعل الكبير للجمهور رقصا وغناء، مستمعا لما يقوله القوال ورفاقه، مرددا لأشهر الأغاني الشعبية وأكثرها رواجا أهمها “يا ديوان الصالحين على ربي والوالدين” وغيرها، ولم يهدأ رئيس الفرقة عباس لكارن ولا دقيقة، فكان رغم سنواته الطويلة صانعا محترفا لأجواء الفرجة ومتحكما جيدا في كلّ جوانب العرض، ومثلما كان تفاعل الجمهور كبيرا كانت متعة عباس لكارن أكبر وهو ما ينمّ عن شغفه الكبير بالفضاء الكبير الذي تشكّله “الحلقة”.

“آخر حلقة”، وفق ما ذكره السيد رضوان لكارن، المتحدّث باسم الفرقة لموقع المهرجان، هي قصة قوال يقرر أن يقدم آخر حلقة في الساحة العمومية (الطحطاحة)، حيث يدعو لهذاالغرض زميل ينله في المهنة(القوالة) لتقديم عرض مميز واستثنائي، حيث سيتميز القوال بعطاء متنوع يكون فيه مداحاً وشاعراً، اعجاجبيا ومنشطا قاصا، ثمراو في حالة من النشوة والوجد، مضيفا أنّ “آخر حلقة”هي أيضا محاولة متواضعة لتأهيل التراث الثقافي الشعبي وإبراز دوره الفعال في بناء الثقافة الوطنية وتغذية ذاكرة الأجيال لهذا الغرض انتقينا مجموعة من الأقوال الشعبية،حكم وأمثال أغاني ومقاطع من قصائد الشعراء مشهورين من بينهم مصطفى بن براهيم، محمد بن حراث، عبد الرحمن المجذوب،سيدي لخضر بن خلوف، وسيد أحمد الرفاعي.

واستشهد لكارن بما كتبه الدكتور الجزائري محمد بن شنبفي بداية القرن العشرين، في كتابه”الأمثال الشعبية في الجزائر والمغرب الأقصى”، حيث يقول “إذا ذكرت قولا مأثورا أثناء الحديث فإنّ ذلك سيعزّز التواصل مع الذي يتحدّث إليك ويظهر في كسمة التمدن وحسن العيش. فالكلام المشبع بالحكم والطرف والأمثال وسيلة للتقارب والألفة من شأنه أن يسهل الحوار والتعارف مع الآخرين ويصنع العلاقة الوطيدة والمفيدة”.

وذكر محدّث الموقع أنّ الحلقة الشعبية والتقليدية مكان دائري ينشئه وينشطه في الساحات العمومية القوال ومخاطب أشخاص من مختلف البيئات والأعمار. تجري”آخر حلقة”في مكان يسمى الطحطاحة (ساحة بيجو سابقا) في قلب الحي الشعبي والتجاري المسمى القرابة بالمدينة القديمة لسيدي بلعباس، وفي أحضان هذا الفضاء، عاش عباس لكارن ملازما دوما “القوال” وخاصة أثناء العطل المدرسية وأوقات الفراغ.

شارك المقال