مسرح الأغواط .. البدايات والتأسيس

شكل مسار الحركة المسرحية بولاية الأغواط، يوم الأربعاء 28 ديسمبر 2022، محور نقاش ندوة المهرجان الوطني للمسرح المحترف، حيث تحدث ممثلو تلك الفرق عن تجربتهم الميدانية وتاريخ بدايات المسرح في ولايتهم ومشاريعهم أيضا.

وأكد الأستاذ منصور بشير بديار، في مداخلته حول تاريخ مسرح الأغواط، أن المسار التاريخي العريق لهذا المسرح بحاجة إلى تدوينه و كتابة تاريخه وإنقاذ ما تبقى من ذاكرته الشفهية”.

وقال إن مدينة الأغواط بعراقة تاريخها وتنوع منابعها الثقافية، تستحق اليوم فتح قسم للفنون الدرامية في جامعتها، حتى يشتغل هذا الأخير على تركة الرواد ويقدموا دراسات حول دورهم كمؤسسين ليس فقط في الأغواط بل في الجزائر كلها.

واستعرض بديار، أبرز المحطات في ميلاد الفن الرابع في الأغواط سنة 1937 عند تأسيس نادي الأدب الذي كان يعرض تمثيليات وسكاتشات قدمها سنوسي بن عيسى بن سنوسي الذي أنشأ عام 1948 فرقة “ثريا” التابعة لحزب الشعب الجزائري.

بعد الاستقلال، عرفت المنطقة تأسيس العديد من الفرق كفرقة “بارود الأغواطي”، علاوة عن أعمال عمي الصالح، وأحمد مراد من شبيبة جبهة التحرير الوطني الذي أسس فرقته الخاصة شارك بها في العديد من المهرجانات، و في عام 1985 أسس فرقة أخرى كان من بين أعضائها هارون كيلاني الذي منه انطلق المسرح المحترف بالأغواط.

من جهته، قدم الفنان هارون كيلاني كلمة حماسية استعاد فيها تاريخ الحركة المسرحية الأغواطية، والبداية بنادي القمرة الذي طارده المستعمر الفرنسي، ومسرح محمد الأغواطي، مضيفا أنه في بداية الأربعينات بدأت النهضة المسرحية في المنطقة مع محمد جودي الذي اعتبره الكيلاني، “سيد الثقافة في الأغواط من دون منازع”.

وتابع بالقول، إن جودي كان صديق الفنانين والأدباء مثل كاتب ياسين ومحمد توري وهو أول من كتب السيناريو في المدينة وكان يهتم بالكوريغرافيا، وقد شكل مدرسة تعلم فيها العديد من الفنانين من بينهم سنوسي، أما بعد الاستقلال فقد برز مسرح حقيقي في المنطقة، وتم إحداث مجلس استشاري في الأغواط برئاسة حسن جاب الله، ضمت عدة أسماء من بينها المتحدث.

ونوّه كيلاني بنصوص احميدة مراد، وأضاف أنه شارك رفقة مسرحيين أغواطيين عام 1985 في مهرجان مسرح الهواة بمستغانم حيث تم الاحتكاك بقامتين في المسرح وهما مصطفى بن عبد الحليم الملقب ب”سي جيلالي” وولد عبد الرحمن كاكي، ليتم بعدها إنشاء أول فرقة مسرحية في الصحراء عام 1988 ومن ثم عرض العديد من المسرحيات، كما تم عام 1991 تقديم طلب تشييد مسرح جهوي بالأغواط، بينما عرف المسرح الأغواطي عام 1996 تأسيس أول جمعية متخصصة في مسرح الطفل بعنوان” آفاق الجنوب” التي شهدت بروز مصطفى صفراني وحمزة جاب الله ويوسف سحيري، كما عرف مسرح الطفل تطورا أكبر على يدي عيسى حديد.

وأضاف كيلاني أنه عام 2007 تم تأسيس جمعية الدرب الأصيل الأغواطية، من ثم أنشئ أول مهرجان مونودرام الذي ينظم كل سنة، ليتم بعدها إنشاء المزيد من الفرق المسرحية.

أما الفنان طاهر صفي الدين فقد تطرق إلى بداياته في المسرح فقال إنه كان عضوا في جمعية “آفاق الجنوب” لكن مسيرته انطلقت فعلا حينما مثلّ في مسرحيات هارون كيلاني حيث اكتشف مسرحا مغايرا عما ألفه.

وأضاف أن أول مسرحية مثلها كانت حول القضية الفلسطينية من توقيع كيلاني، تلتها العديد من المسرحيات من بينها مسرحية “حلم غير مثقوب” التي قال عنها طاهر إنها شكلتّ مخبرا مسرحيا حقيقيا حيث تم الاشتغال فيه على الجسد والإيماءات ولغة مختلفة عن المعتاد، مؤكدا قدرة الممثل على التعبير بجسده من دون أن ينطق كلمة واحدة.

وتابع أن كيلاني يهتم في أعماله بالطقوس وإبراز تراث المنطقة التي تعتبر بوابة الصحراء وامتداد لإفريقيا ومركزا للصوفية، كما يهتم أيضا بالاشتغال على الماء والطين والقماش، علاوة على إبرازه للمسرح المحلي ومخاطبة الغير لتشكل أعماله متعة لصانعه وفرجة للمتلقي.

شارك المقال