مسرحية “شكون يخدع شكون”: عالم دمرته المؤامرات

نجح المخرج أحمد العقون في مسرحيته “شكون يخدع شكون”، التي أنتجها مسرح سكيكدة الجهوي، والمشاركة في المنافسة بالمهرجان الوطني للمسرح المحترف في دورته 14، إلى حد بعيد، في معالجة موضوع حساس جدا ينطلق من المؤامرة الدولية والخضوع العربي، بأسلوب كوميدي بعيد عن التهريج.

تنطلق المسرحية من فكرة سريالية ساخرة، وحتى بعض شخوص العمل جاؤوا في ثوب كاريكاتوري، مثل الملكة التي أدى دورها رجلا، لأن خيار المخرج في النهاية للشخوص نابع من كونهم أفكارا، على حد تبريره.

مسرحية “شكون يخدع شكون” التي كتبها وأخرجها أحمد العقون، وصمم السينوغرافيا عبد الرحمان زعبوبي، وموسيقى الراحل سعيد بوشلوش، وكوريغرافيا نوارة إيدامي، وشارك فيها مجموعة من الممثلين يتقدمهم سيف الدين بوحة وبوفنار عبد الرؤوف وغيرهم، تجسد رؤية إنسانية من خلال نظرة المخرج لعالم دمرته الحروب والمؤامرات وتعزيز الانقسامات خدمة للقوى العظمى التي تسعى دائما لإثارة النعرات الدولية وخدمة أجنداتها والتدخل في سياسة الدول تحت مسمى المنظمات الأممية وحقوق الإنسان.

رهان كبير رفعه المخرج من خلال تعايش 9 شخصيات في المسرحية على الركح، عمل يتطلب جهدا كبيرا على مستوى الحوار، والتنقل من لوحة لأخرى ومن زمن لآخر، فالفكرة جاءت عميقة والنص يحمل زخما كبيرا وحوارا مكثفا يحتاج حضورا على مستوى الأداء والحركة، خاصة مع اعتماد أسلوب المسرح داخل المسرح، وهو خيار ربما يعكس التساؤل العام للعرض المسرحي من يخدع من؟

سلط العمل المسرحي “شكون يخدع شكون”، الضوء على قضايا تخص العالم أجمع، في مقدمتها القضية الفلسطينية وقضية اللاجئين الذين يستثمر فيهم الغرب، وقدم أحمد العقون مقاربة ذكية بأسلوب كوميدي ولكنها قريبة جدا من الواقع المؤلم، وهي استغلال اللاجئين من طرف القوى الكبرى خدمت لمصالحهم الضيقة وحتى الشخصية وتغذية لأطماع إيديولوجية، كما لم يغفل المخرج الصراع الموجود على السلطة منذ القدم وهو امتداد تاريخي ليس وليد الحاضر.

المدهش في العرض المسرحي هو الحضور اللافت للممثلين، خاصة سيد الدين بوحة وبوفنار عبد الرؤوف، اللذين طغى أداؤهما على الركح وتمكنا من الإقناع لحد بعيد، ولم يتأثر الأداء رغم تغييرهما للشخوص وتأديتهما لأدوار مركبة.

فيصل شيباني 

شارك المقال