مسرح بسكرة يفتتح منافسة بالمسرح المحترف

“إيشو”… رقصة الموت المنتظر

افتتح المسرح الجهوي شباح المكي بسكرة المنافسة بالمهرجان الوطني للمسرح المحترف في دورته الـ 16، بمسرحية “إيشو” للمخرج عبد القادر عزوز، كتب نصه عقباوي الشيخ، صمم الكوريغرافيا يوسف مفتاح، وعاد التأليف الموسيقي لعبد القادر صوفي، سينوغرافياليوسف عابدي، في حين كان محمد أمين بحري المستشار الفني للعرض.

“إيشو” أو الخداع بالأمازيغية الترقية، يجسد طقس “شايب عاشوراء” والتي تعد احتفالية من الذاكرة الشعبية الجزائرية مرتبطة بأهلنا في الجنوب، توزعت فيه أدوار الممثلين من ربوع الوطن من جنوبه إلى شماله وهذا واضح في اللهجة التي اختلفت فوق الركح وتبرز أن الجزائر قارة ثقافية، وأن الطقوس والاحتفالية الخاصة بـ”إيشو” هي ظاهرة ثقافية شعبية جزائرية يتشارك فيها كل الجزائريين.

قبل رفع الستار عن العرض الأول للمنافسة انبعثت رائحة البخور وكأن مخرج العرض عزوز عبد القادر يجهز الجمهور لخوض غمار الفرجة معه ويقطع تذكرة عبر الزمن مرورا بأسطورة “إيشو” التي استوحت فكرته من الموروث الثقافي “شايب عاشوراء” وفي ساعة وربع ارتحلنا إلى عالم الطقوس والفرجة.

احتفالية “إيشو” عبارة عن رقصة ترمز للخير والفرح عند البعض، فتوزعت في العرض العديد من المشاهد الكوريغرافية التي جاءت في ضوء الفرجة والاحتفالية، تبدأ الحكاية بين قبيلتي الحدادة والعمامدة المتعاديتان رغم قربهما الدموي، ولكن في زمن كثر فيه البطش والخداع من أجل كرسي الحكم، ومن يكون الوريث القادم، ومن هي الشيخة التي تحكم القبيلة، ليكون “إيشو” في النهاية، عبارة عن رقصة الموت المنتظر.

وتتميز استعراضات شايب عاشوراء التي تقام عادة عقب صلاة العشاء بمشاهد بهيجة تمتزج فيها الرقصات بالحضور القوي للموسيقى التقليدية، كما تتخلل عروض شايب عاشوراء، بضربات البندير والأهازيج الشعبية. ويطوف الممثلون كل أحياء المدينة بطبول وايقاعات وحركات وتعابير فنية، لتبدأ الاحتفالات ليلاً وتستمر إلى وقت متأخر، ويعتمد شايب عاشوراء على إبراز الصراع الأبدي بين الخير والشر، وهو ما تم نقله سهرة السبت 23 ديسمبر 2023 بالمسرح الوطني محي الدين باشطارزي عبر عرض “إيشو”.

تدور الحكاية ما بين الشيخة حسنة من قبيلة العمامدة والشيخ ابراهيم من قبلية الحدادة زوج أختها رقية التي فقدت عقلها وادعت أنها “شمة” التي تشم رائحة الكره ورائحة الخبث والكذب والخداع قبل وقوعهم، في ذلك اليوم الموعود بالرقص والاحتفالية، لتكون نهايته تراجيدية بعد خسران الطيب حبيبته مريامة ابنة خالته رقية، ويأتي اسم مريام تيمنا بالعطاء والتمسك بالأرض.

جسدت دور “شمة” وهيبة باعلي التي تبذل مجهودا كبيرا فوق الركح، وهي التي عودت الجمهور على مثل هذهالأدوار مثل مونودرام “ريق الشيطان”، أما دور الشيخة حسنة عاد للممثلة حورية بهلول التي تتنوع في أدوارها وشخصيتها في كل عرض مسرحي.

جاء النص “إيشو” لعقباوي الشيخ، معالجة درامية لهشام بوسهلة مكللا بالشعرية، وبالاحتفالية يسرد حكاية موروث ثقافي ضارب في التراث الجزائري العريق قديما، في رمزية للخذلان والخيانة وفقدان الثقة في عالم موحش يعيش ضد مبادئ الإنسانية.

شارك المقال