“مانيا” لنسور تندوف: الحب والشرف بمنظور فلسفي

“مانيا” هو عنوان العرض الذي أمتعت به فرقة “النسور” من تندوف، جمهور قاعة “ابن خلدون”، الاثنين 26 ديسمبر 2022، ضمن عروض خارج المنافسة للدورة الخامسة عشرة للمهرجان الوطني للمسرح المحترف، حيث حاول إدريس بن حديد، نصا وإخراجا، مسرحة الشك والخيانة الزوجية وتأثيرها على الروابط الاجتماعية ومدى تماسكها.

نُسج العمل ببناء درامي تراجيدي بين زوجين “كامل” (إدريس بن حديد) و”مانيا” (أسماء مخناش)، حيث يدُبّ في نفس كامل، الشك بأن زوجته تخونه، ويعتقد أنها خبأت عشيقها في صندوق، ثم سرعان ما يتجادل الاثنان جدلا فلسفيا في موضوع الحب، والشرف والوفاء.

وتبرز اللوحات المسرحية المتعاقبة على مدار ساعة من الزمن أجواء مشحونة بالشك المتصاعد بين الزوجين التي تغذيها آراء الناس حول هذه المرأة الجميلة التي رسم حولها هؤلاء هالة من الشك والريبة تطعن في شرفها ما دفع بزوجها إلى الشك في كونها تخونه رغم انعدام الدليل ومعاملتها بسلبية ما أدخلها في دوامة من الحزن والتمزق لأنه يعشقها ولا يريد ان يفقدها.

يقوم الزوج بتفتيش بيته وقد دخل على حين غفلة على “مانيا”، عسى أن يجد دليلا واحدا لإدانتها، لكنه يعجز، وقد بقي الصندوق مغلقا لم يفتشه، ذلك أن مانيا رفضت فكرة الشك، إنها لا تستحق هذا الريب، بل تستحق الحب، لكنهما سرعان ما يتذكران حبهما، ثم يعودان إلى وضعية الشد والجذب. وتناور مانيا زوجها كامل لتثير غيرته بشكل مستفز. وأمام هذه الحال تشتعل أفكار كامل، ويسيطر الشك عليه، ويتهمها بالخيانة والعهر. وتجني هذه المرأة الجميلة سبا كثيرا، لأنها أيضا كانت راقصة.

يؤدي الصراع في الأخير إلى جرم قتل، لم يتوان كامل لحظة ليصفّي زوجته، ويشفي غليل الشك الذي شربه، وأضحى مريضا به، ثم يقوم بفتح الصندوق أخيرا، ليُصدم بوجود مجموعة من الذكريات الحُلوة التي جمعته بمانيا، تخلّد حبهما، ليجد نفسه نادما ندما شديدا على فعله الشنيع.

ويحيل “مانيا”  إلى مفهوم يرتبط بمرض عصبي يعكس الهوس المرضي بشخص أو موضوع ما والارتباط بشكل جنوني به وعدم القدرة على التخلي عنه وهو ما كان يعاني منه الزوج الغيور بسبب شعوره بالخيانة. المسرحية من إنتاج جمعية “النسور للمسرح” بالشراكة مع المسرح الوطني الجزائري، ألّفها وأخرجها ومَثلها إدريس بن حديد. وساعده في الإخراج أحمد بن طاهر. وأعد السينوغرافيا هارون الكيلاني.

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *