ندوة المسرحين “الرقمي” و”العلمي”: تجارب خجولة تحتاج للمرافقة

لحساب الدورة الخامسة عشر للمهرجان الوطني للمسرح المحترف، استضافت قاعة امحمد بن قطاف بالمسرح الوطني محي الدين بشطارزي، يوم الاثنين 26 ديسمبر 2022، ضمن الندوات الفكرية والأدبية المرافقة، ندوة حول “المسرح الرقمي” و”المسرح العلمي”، عرض خلالها أهم خصائص وأبعاد هذين النوعين المسرحيين من الناحية النظرية والتطبيقية وتقديم نماذج من ممارسة هذين الاتجاهين في المسرح الحديث.

واستهلت الندوة الأستاذة وهيبة صالحي من جامعة بجاية، وتحدّثت عن مكانة التكنولوجيا الرقمية في المسرح العربي، مستشهدة بتجربة العراقي عماد خفاجي، وقالت إنّ العالم العربي لا يملك نصًا أو مسرحًا رقميًا، وهناك تجارب خجولة في هذا الاتجاه مع محمد حسين حبيب مع “الحياة أفضل” للكاتب المسرحي الجزائري حمزة قريرة.  وحتى لو ظلّ المسرح الرقمي مشهداً جديداً للاستثمار، تعتقد صالحي أنّ “المسرح الرقمي يستخدم عناصر وأدوات رقمية لبناء عرض مسرحي تفاعلي مستوحى من المسرح الغربي الرائد في المجال”.

وقالت صالحي إنّ المسرح الرقمي لا يزال نوعًا جديدًا من العرض، ويقوم على شكل مختلف من الإبداع، يسعى للاستفادة من التكنولوجيا الجديدة. وكذلك استخدام العناصر الرقمية ذات العناصر الفنية في مجال الخدع البصرية والصورة، والمؤثرات السمعية والبصرية. علما أنّه لا يمكن إجراؤها بدون إنترنت، موضّحة أنّ النص الرقمي المسرحي يجب أن يكون مجهزًا ليتم عرضه رقميًا مع الروابط والصور. بالإضافة إلى ذلك، يجب فتحه حتى يجد المستلم نفسه داخل النص، باستخدام أحدث التقنيات، مثل الصور المجسّمة والصور ثلاثية الأبعاد.

أما فيما يتعلّق بالمسرح العلمي، فقال المؤلّف والمخرج المسرحي محفوظ فلوس إنّه “مسرح بيداغوجي تربوي، هدفه تبسيط وإيصال الثقافة العلمية بسهولة للجمهور مع تحقيقه للمتعة البصرية”، مشيرا إلى أنّه كان يعتقد أنه الوحيد في هذا المجال، لكنه اكتشف وجود شبكة أوروبية لمسرح العلوم.  واسترجع محفوظ فلوس صاحب التجربة الرائدة في هذا المجال في الجزائر أهم مراحل تكوين هذا الاتجاه المسرحي، مشيرا إلى الانطلاقة الفعلية لتجسيده التي جاءت بعد إنشاء “مدينة العلوم والاكتشافات بالجزائر العاصمة سنة 1997” التي كان أوّل مدير لها.

فلوس الذي يمارس المسرح العلمي منذ 22 عامًا. يتذكّر بفخر أنه أطلق أول نادٍ لعلم الفلك في عام 1982 عندما لم تكن هناك أنشطة علمية في الجزائر. ويؤكد أنه عندما تخرج من المدرسة العليا للشباب بتقصراين، كان هناك أنشطة ثقافية فقط، ومع تأسيس نادي علم الفلك، قال “أدركنا أنّ مفهوم الأنشطة العلمية لا يتوافق مع الأنشطة التي كنا نقوم بها، فبحثنا عن مفهوم آخر وهو الثقافة العلمية. واكتشفت أن هناك مفاهيم أخرى وعدّة تعريفات لها”. يدفع محفوظ فلوس حجته بالقول إنه لا توجد ثقافة علمية في ألمانيا بل ثقافة بيئية، فيما تتطور الثقافة العلمية بشكل واضح في فرنسا، وتوقّف عند مالك بن نبي الذي قدّم تعريفا علميا للثقافة، حيث تستند إلى أربعة عناصر هي الأخلاق، الجماليات، البراغماتية والتقنية. وذكر فلوس أنه استعان بممثلي المسرح الوطني الجزائري لتقديم نخبة من الأعمال المسرحية ذات المحتوى العلمي، مشيرا إلى أن هذه التجربة أثمرت عن عديد العروض منها “المشتري”، “اتومس (الذرة)”، “ميزان الغابة”، “الكسوف”، “نيميسيس”، ” قطرة ماء في واد بلا ماء”، و”نامبي تخطي راسي”.

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *