من انتاج المسرح الوطني الجزائري

“البونكي” تعرض مستقبل الذكاء الاصطناعي

دخل العرض المسرحي “البونكي” المنافسة بالمهرجان الوطني للمسرح المحترف في دورته 16، سهرة الثلاثاء بقاعة مصطفى كاتب، بحضور جمهور غفير ظل الكثير منهم واقفا بعد حجز كل الأماكن، “البونكي” نص أصلي مولود معمري، ترجمة واقتباس علي عبدون، إخراج وسينوغرافيا فوزي بن ابراهيم.

في 70 دقيقة ارتحل جمهور المهرجان مع ثلة من الممثلين محمد الطاهر زاوي، عبد الكريم بريبر، سالي بن ناصر، ربيع وجاوت، حفيظة بن رازي، شاكر بولمدايس، أحمد دحام، كاميليا بن دريسي، فؤاد بن دبابة، وناصر الدين جودي، 10 ممثلين صعدوا الركح انقسموا إلى عالمين مختلفين.

وكان واضحا ذلك في عالم لا يوازي عالمنا، عالم يختلف في لباسه، لغته ومدينته، وهذا ما كان واضحا في توظيف السينوغرافيا، الديكور، الإضاءة، اللباس، وحتى اللغة، فلباس الحاكم يوحي بالحكام القدماء من تاريخ ضارب في عمق التاريخ وأكله الغبار طويلا.

ونجد لغته وظفت في اللهجة العامية، وديكور بالشعلة تشبه التاج بلون الأزرق والأصفر، في المقابل نجد العالم الأخر المستقبل القادم من الشرق ممثلا في الذكاء الاصطناعي، الذي وظف فيه السينوغراف شعلة بلونين مخالفين للعالم الأول، يتحدث فيه الممثلين اللغة العربية الفصحى، في حين كان اللباس يوحي بالمستقبل المشرق.

تم كسر الجدار الرابع للمسرحية التي انطلقت أحداثها من الجمهور إلى الركح وتكرر ذلك في الكثير من المرات طيلة 70 دقيقة من الزمن، كما تم اقحام الجمهور بالعرض المسرحي كممثلين في رؤية اخراجية عادت للمخرج فوزي بن إبراهيم الذي يعد أول مخرج تناول النص الأصلي مولود معمري، ترجمة علي عبدون.

“أفرغوا الساعة من أهلها ونظفوا المدينة من الجرذان”، هي كلمات مباشرة تدل على طبول الحرب التي بدأت وانقلبت على حكامها، الحاكم الذي يسير بعقلية قديمة بالية لايزال يريدون حكما يورثه لابنه كما ورثه من أبيه، حاكم طامع في سلب حرية الشعوب وتقيده خلف سور الجهل والأمية، ليأتيه من الشرق حكما أخر متمثلا في الذكاء الاصطناعي يفصل في حياته ويقرر إقامة الإبادة الجامعية.

في الأخير لابد من الوقوف عند الحكاية الأصلية للحكاية وهي قصة واقعية حدثت يوما للشعب المايا من قبل الاسبان الذين جاءوا في زيارة مجاملة لهم جالبين معهم الحضارة، ليتم قتلهم جميعا، وفي العرض المسرحي أبرز المخرج وسائل عصرية تعكس الإبادة الجديدة المتمثلة في تقنيات الذكاء الاصطناعي. والتي بمقدورها محو أمة بأكملها وطمس معالمها.

وفي الجلسة النقدية أوضح الناقد يوسف زعفان عبثية الوجود كيف قضت على الجميع في العرض المسرحي، وقد وفق المخرج فوزي بن ابراهيم إلى حد بعيد بجرأة الاشتغال على مجال واسع ركحيا، حتى الكرسي المصنوع من الزجاج كان توظيفه على خشبة المسرح في محله مبرزا فيه الرمزية والدلالة.

شارك المقال