ندوة “من الثّورة الجزائريّة إلى نصرة الأقصى”

محمّد بوديا وكاتب ياسين مؤسّسا التّيّار المسرحيّ المقاوم في الجزائر

احتضنت قاعة امحمّد بن قطّاف بالمسرح الوطنيّ الجزائريّ، النّدوة الأولى ضمن النّشاط الفكريّ للدّورة السّادسة عشر من المهرجان الثّقافيّ الوطنيّ للمسرح المحترف، حول “المسرح المقاوم: من الثّورة الجزائريّة إلى نصرة الأقصى”، بمداخلات للأساتذة احميدة عيّاشي، عبد الحليم بوشراكي، ومحمّد كريم أصوان، وتنشيط الدكتور حميد علّاوي، إذ أجمعوا على أنّ محمّد بوديا وكاتب ياسين هما مؤسّسا التّيّار المسرحيّ المقاوم في الجزائر.

احميدة عيّاشي: قراءة استشرافيّة في فلسطين المغدورة لكاتب ياسين

تأسّف الأستاذ أحميدة عيّاشي عن صمت النّخب السّياسيّة والثّقافيّة، وتكشّف عورات عقولها أمام الشّعوب العربيّة، مقارنة بالضّمائر الحرّة في أمريكا وأوروبّا التي تعبّر عن مقاومتها لما يحدث في فلسطين بأشكال متعدّدة ذات طابع سلميّ وشبابيّ، انتشرت عبر وسائل التّواصل الاجتماعيّ وأصبحت بعض الأغاني المردّدة بلغات مختلفة بمثابة الأنشودة الإنسانيّة.
واستذكر” كاتب ياسين ” الذي ولد بعد تراجيديا 08 ماي 1945 التي لا تعتبر مجرّد محطّة تاريخيّة، بل تساعد الرّأي بما يحدث من مجازر مروّعة في غزّة، وهما حدثان متشابهان من حيث الإبادة الجماعيّة التي تعرّض لها الشّعبان الجزائريّ والفلسطينيّ، إضافة إلى مقارنة السّياق التّاريخيّ للثّورة الجزائريّة من خلال هجوم الشّمال القسنطينيّ سنة 1956، بهجوم كتائب القسّام في 07 أكتوبر 2023، مرجعا تبلور الوعي الثّوريّ والسّياسيّ عند كاتب ياسين إلى تراكم الأحداث التّاريخيّة في الجزائر، وتأثّره بخطاب الأمير عبد القادر، مؤسس الدّولة الجزائريّة، في السّابعة عشر سنة من عمره.
 كما كان للقائه مع علي زعموم بعد الاستقلال، حافزا على حمله فكر المقاومة ضدّ الاستعمار والإمبرياليّة، فكانت كتاباته باللّغتين الفرنسيّة والجزائريّة العامية، والتي أثـرت مسرح المقاومة الشّعبيّة ومسرح الاحتجاج وفضحت خذلان الحكّام العرب لفلسطين آنذاك، مركّزا على الرّقص الشّعبيّ والغناء لإيصال أفكاره ورسائله. وأكّد أحميدة عيّاشي على البعد الإنسانيّ لكاتب ياسين في مقاومة مختلف أشكال الاستعمار بالكتابة عن الزّعيم الرّاحل نيلسون مانديلا والهنود الحمر.

عبد الحميد بوشراكي: المسرح الجزائريّ والالتزام بالقضايا الإنسانيّة

أوضح الأستاذ عبد الحميد بوشراكي، خلال مداخلته، أنّ المقاومة فكرة متطوّرة عبر الأزمنة، وأنّ خشبة المسرح هي المحكمة الإنسانيّة الأولى التي كانت تحاكم فيها الإنسانيّة كلّ الطّغاة والظّالمين منذ الحضارات القديمة، وهي قيمة أن يحاكم الإنسان أخطاءه على أساس التّلقائيّة والصّدق، معتبرا أنّ المسرح الجزائريّ قد ساير الأحداث السّياسيّة المختلفة، وأحاط بها ، وأنّ القضيّة الفلسطينيّة ذات بعد إنسانيّ، معبّرا عن افتخاره بالسّابع من أكتوبر كتاريخ زلزال عظيم في القرن الـواحد والعشرين، وهو ما سيؤثّر على منظومة القيم ويجعلها تختلف، حيث أنّ المسرحيّين العرب مدعوّون لتقديم فصل جديد من القيم الجماليّة التي تؤسّس مسرحا جديدا، يتجاوز كلّ التّجارب المسرحيّة السّابقة.

محمّد كريم أصوان: مسرح محمّد بوديا كفضاء للنّضال

أشاد الباحث الأكاديميّ محمّد كريم أصوان بارتباط محمّد بوديا وتعلّقه بفلسطين قضيّة ونضالا وثورة، منذ أن بدأ نضاله سنة 1964 في قاعة كانت مخصّصة للّقاءات الثّقافيّة، وله العديد من الكتابات المسرحيّة والصّحفيّة حول مختلف الأحداث في فلسطين باللّغة الفرنسيّة، في انتظار ترجمتها إلى العربيّة، مشيرا إلى أنّ بوديا كان متصرّفا إداريّا رئيسيّا بالمسرح الوطنيّ الجزائريّ، لمّا التقى لأوّل مرّة مع قادة الثّورة الفلسطينيّة في الجزائر، ممثّلة في ” أبو جهاد ” عن حركة فتح، ونسج علاقات وثيقة معه، ثمّ انتقل إلى فرنسا عبر تونس، حيث واصل نشاطاته وكتاباته المسرحيّة لفائدة المقاومة والعروبة رغم أنّه كان فرانكوفونيّا، كما زار لبنان، وساهم في تأسيس خليّة في أوروبّا من طلبة ومثقّفين جزائريّين وعرب لمساندة القضيّة الفلسطينيّة، انطلاقا من أنّ شرارة التّحرّر الوطنيّ الجزائريّ هي ملهمة لباقي حركات النّضال والمقاومة في العالم.
واختتمت النّدوة بفتح النّقاش بين المتدخّلين والجمهور الحاضر حول أشكال المقاومة التي سينتهجها المسرحيّون الجزائريّون والعرب مستقبلا.
شارك المقال