المخرج حبال البوخاري: يجب العودة بالمسرح إلى غايته الأولى وهي إسعاد الناس والترويح عليهم

عرضت أمس الخميس 28 ديسمبر 2023، مسرحية حلاق إشبيليا لمخرجها حبال البوخاري، ترجمة واقتباس سعيدة فاسي عن النص الأصلي للكاتب الفرنسي “بومارشي” في فعاليات المهرجان الوطني للمسرح المحترف ال16.

مع أن النص كلاسيكي عالمي إلا أنكم استطعتم شد المشاهد من خلال إعطائه روح جزائرية عنابية، لماذا؟

حلاق اشبيليا نص عالمي كلاسيكي للكاتب الفرنسي بومارشي حاولت جزأرة النص مع ترك اللغة المهذبة إضافة إلى اللهجة العنابية المحلية، وذلك يعود إلى كون الفنانين من عنابة وحاولنا أيضا تحويل المالوف إلى الفلامينكو يعني حاولنا ابراز التراث العنابي مع لمسة عالمية للفلامنكو باعتبار أن الأحداث تدور في مدينة إسبانية.

سافرتم بالجمهور إلى حقبة معينة من خلال الديكور والملابس والإكسسوار، كيف كانت ظروف العمل على ذلك؟

بحكم أنني أيضا سينوغراف اشتغلت كثيرا على الديكور والملابس والأكسسوار لتلك الحقبة للقرن 18 الثامن عشر، وكان العمل جد دقيق لأن المشكل في هذا العمل أن النص كتبه الفرنسي بومارشي لكن الأحداث وقعت باشبيليا في اسبانيا، وعلى هذا الأساس كانت الأزياء فرنسية في حين أبقينا على الزي الإسباني فقط فيما يخص شخصية البطل الكونت فيقارو في نفس الحقبة اي القرن الثامن عشر.

كيف تعاملتم مع النص ركحيا؟

بالنسبة للنص قامت السيدة سعيدة فاسي بالترجمة ثم حاولنا أن نجسد ذلك ركحيا، الشيء الذي تطلب منا عملا مكثفا فما كان لدينا يعد مادة دسمة وكان عليّ تلخيص الأحداث المسرحية لأن هذه المسرحية العالمية التي عرضت في فرنسا مثلا كان فيها أربع استراحات غير أنه كان عليا تقليصها والتفكير في طريقة تجعل الجمهور يتابع العرض ولا يمل من ذلك، فكانت الوصلات الغنائية المصحوبة بالرقصات الكوريغرافية من أجل ذلك والتي أضفت جمالية على العرض وشدت الجمهور.

كيف وقع اختياركم على تجسيد هذا النوع من العروض الكلاسيكية؟

المسرح اليوم أصبح له توجه آخر مختلف تماما عن ما كان عليه سابقا عند الإغريق، الذين جعلوا منه وسيلة للترفيه عن الناس واسعادهم، وعلى ذلك فأنا أعتقد أنه من الضرورة العودة إلى غاية المسرح السابقة، لأنه من حق المشاهد أن يسعد ويفرح خلال حضوره عرضا ما، وعلى هذا الأساس اخترت أن أُسعِد الجمهور اليوم، من خلال هذا العمل الذي يحمل جماليات كثيرة جمعت بين النص، الحوار، الموسيقى والكوريغرافيا الديكور والسينوغرافيا وغيرها من عناصر العرض، إضافة إلى لغة الحوار الراقية الممزوجة بإحدى لهجاتنا الجزائرية، العنابية تحديدا التي أعطت لمسة جميلة للعرض تجاوب معها الجمهور وصفق بشدة، إضافة إلى كل هذا فإننا حين نعمل أكاديميا على مثل هذه النصوص الكلاسيكية فهذه فرصة جيدة بالنسبة للممثلين الجدد من الجيل الصاعد بولاية عنابة من أجل إعطاء فرصة للتكوين ولما لا لخلق مجموعة متخصصة في هذا النوع المسرحي بالولاية.

تعاملهم مع بعض الوجوه الشابة الجديدة كيف كان التعامل معها؟

لا يكون التعامل دائما سهلا لكن علينا أولا أن نحب ما نقوم به ثم علينا بالصبر والتحمل والمواصلة، ثم بعد ذلك لكل مخرج طريقته الخاصة في التعامل، وانا عن نفسي معروف أنني مخرج يتعامل بكل لطف وسلاسة مع الممثلين مع مراعاة أحاسيسهم وأحسن دليل على ذلك هذا العرض اليوم الذي استطعت خلاله أن أخرج هذا الشيء الجميل والعذب والراقي عكس العقلية العنابية المعروفة عند العامة، فقناعتي أن السر يكمن في كيفية التعامل والتواصل مع الفنان كل حسب عقليته وشخصيته ومحاولة التكيف معه واخراج الشيء الجميل بداخله.

ما هي رمزية استعانتكم بالفنان كمال بناني خلال هذا العرض؟

بداية أريد الإشارة إلى أن الوصلات الغنائية الأولى كانت من آداء الممثل الشاب الموهوب الذي قام بدور الكونت وهو” أسامة جرورو” إضافة إلى الفنانة “نزهة” وهي معروفة كثيرا في ولاية عنابة، أما حين نقول بناني فإننا نقول سيد المالوف والأندلسي في عنابة والجزائر، والاستعانة بالفنان كمال بناني نجل المرحوم حمدي بناني هو تكريم لأحد أعمدة الفن في المنطقة وهذا شرف كبير لنا وواجب اتجاه  سادة الفن ممن سبقونا في جميع المجالات، إضافة إلى كل هذا حاولنا من خلال هذا الظهور الشرفي للفنان كمال بناني ابراز الهوية العنابية الراقية التي أضفت جمالية على العرض وأسعد المشاهد الذي تجاوب معها تجاوبا راقية.

كيف تقيمون تجاوب الجمهور مع هذا العرض؟

جمهور المسرح الوطني محيي الدين بشطارزي أثبت اليوم أنه ذواق للفن الراقي الجميل، فأنا أشكركم لإعطائي هذه الفرصة لأعبر عن امتناني له، فقد كان قمة في الرقي، يعرف متى يصفق ومتى يهلل بكلمة برافو ومتى يقف للممثلين، وهذا ما يشعل حماسة الممثلين ويعطيهم دفعا ونفسا للمواصلة على الخشبة فشكرا للجمهور الرائع، فاستجابتكم خلال العرض تدفع بنا مستقبلا لتقديم الأفضل.

شارك المقال